لقد ورد النقاش حول التسمية الجديدة في مقال نال صدى واسعا، وكان قد نُشِر على موقع "بزفيد" (BuzzFeed) الشهر الماضي. يجادل المقال بأن جيل الألفية الناشئ قد تأثر بلا مبرر بالأزمة المالية التي وقعت في أواخر العقد الأول من القرن الحالي، كما تضرر أبناء هذا الجيل من موجة الوالدية المكثفة الجديدة. ونتيجة لذلك، فإنهم يتمتعون بطموح مفرط ويعملون أكثر من طاقتهم ويشعرون بالعجز أمام كل ذلك.
وقد بدا هذا الوصف حقيقيا للعديد من القراء من جيل الألفية، لكنه ترك الكثير من الأشخاص من الجيل السابق "الجيل إكس" [مواليد ما بين أوائل الستينيات إلى أوائل الثمانينيات] متسائلين لماذا لم يكن أحد يهتم بالصعوبات التي يواجهونها. يكشف هذا التفاوت إلى أي درجة نتناول موضوع الأجيال على نحو فضفاض. فهل من المفيد تقسيم الأفراد بهذه الطريقة؟
يقول إيلوود كارلسون، عالِم الاجتماع في جامعة ولاية فلوريدا: "إنْ أردتَ رسم حدود بين جيلين تاريخيين، فينبغي أن يكون هناك سبب لذلك". ويرى أن هذا السبب يجب أن يتمثل في اختلاف جمعي إجمالي بين المجموعتين، يُمْكِن تحديده تجريبيا. ليس من الواضح ما إذا كان "الإنهاك" يفي بهذه المعايير، لكنّه ممكن. يقول كارلسون: "إن تحديد الفوارق المهمة لفصل الأجيال هو فن أكثر من كونه علما".
انطلقت دراسة الأجيال في عشرينيات القرن الماضي، عندما افترض عالِم الاجتماع كارل مانهايم أن الشباب الذين يختبرون الأحداث الكبرى والتغيير الاجتماعي السريع يشكّلون أجيالا أكثر تماسكا. وجادل بأن التعايش لوحده ليس كافيا لإنتاج وعي بين الأجيال.
لكن في عام 1997، غَيَّرَ طريقةَ تفكيرنا في الأجيال كاتب مسرحي ساخر وآخر هو مستشار اقتصادي؛ في كتابهما "التحول الرابع"، جادل نيل هاو وويليام شتراوس بأن الأجيال تتبع دورة ثابتة: يُولَد الأطفال إما خلال نجاحات تاريخية أو نهضات أو انحطاطات أو أزمات، مما يعني أن جيلهم إما جيل حالم أو تفاعلي أو مدني أو متكيِّف.
على سبيل المثال، فإن الجيل المولود في فترة "طفرة المواليد" حالم [المواليد بعد الحرب العالمية بين عامي 1946 و1964. م]، لأنه نشأ خلال فترة ازدهار تلت الحرب. في حين أن مواليد الجيل العاشر تفاعليون لأنهم وُلِدوا في منتصف الستينيات إلى منتصف الثمانينيات، مما يعني أنهم نشأوا خلال صحوة اجتماعية.
جيل الألفية الذي لطالما وُصف بالمدلَّل والكسول في وسائل الإعلام، أصبح الآن بمقدوره تغيير هذا السرد
مواقع التواصل الاجتماعي
لقد عزّز نجاح الكتاب الاعتقاد بأن الأشخاص المولودين في الفترة نفسها يتشاطرون سمات وسلوكيات ومعتقدات مشتركة، حتى لو لم يكن هناك حدث تاريخي يتَّحِدون حوله. ويرى دان وودمان، عالِم الاجتماع في جامعة ملبورن، أن فكرة الفئات العمرية المحددة أدت إلى نشوب حرب بين الأجيال. ويضيف: "إن تصنيفات الأجيال التي نستخدمها شديدة السطحية والتبسيط، وغالبا ما تُستخدم أيضا للانخراط فيما أُطْلِقُ عليه ’تقريع الأجيال‘، كالقول: ’جيل الألفية النرجسي‘، ‘جيل طفرة المواليد الأناني‘، ’الجيل إكس الساخر‘".
تعريفات متحولة
وفقا لِـوودمان، تتحول هذه التعريفات أيضا اعتمادا على من يملك القوة والسلطة. جيل الألفية الذي لطالما وُصف بالمدلَّل والكسول في وسائل الإعلام، أصبح الآن بمقدوره تغيير هذا السرد. فقد كتب مقال "الجيل المُنهَك" في بزفيد أحد أفراد جيل الألفية مثلا، وهو ما ينطبق على المقال الذي تقرأه حاليا أيضا.ومع ذلك، تقول هنري روز لي، المؤلفة والمتحدثة عن الأجيال في مكان العمل، إنه في حين يمكن للتصنيفات أن تكون خطيرة، فإنها ضرورية أيضا لفهم الاختلافات بين الأجيال في مواقفهم تجاه العمل. تضيف روز لي موضحة: "تدور قيم الشباب حول أمور أوسع من الاندماج والتنوع والاستدامة البيئية والرعاية والتعاون". وتعلل ذلك بأنه في حين أن جيل الألفية قد يبدو خائنا لأرباب العمل، فإن ذلك مجرد نتيجة لزيادة تنقّل أبنائه بين الوظائف، وهو بدوره نتيجة لانخفاض عدد الشباب المرتبطين برهن عقاري بسبب الركود العالمي.
تنضم الآن أجيال جديدة إلى سوق العمل. تقول روز لي: "في عامي 2017 و2018، انضم إلى سوق العمل نحو ثلاثة ملايين فرد من ’الجيل زد‘". وهؤلاء الأفراد يأتون بعد جيل الألفية؛ مما يعني أن أكبرهم سنا قد بلغ سن الرشد مؤخرا.
تجادل جين توينج، عالِمة نفس في جامعة ولاية سان دييغو ومؤلفة كتاب "iGen"، بأن الهواتف الذكية جعلت هذا الجيل أكثر قلقا واكتئابا من الأجيال السابقة. تقول توينج: "إنني أُسمّيهم ’iGen‘ لأنهم الجيل الأول الذي يقضي فترة مراهقته بالكامل على الهواتف الذكية. هذا التحول بين الأجيال، مثله مثل معظم التحولات منذ طفرة المواليد، حُدِّد بناء على تجارب حياتية بدلا من أحداث تاريخية".
وقد انتُقِد تحليلها لمسوحات حول مواقف وسلوكيات المراهقين، لكن توينج تقول إن استنتاجاتها تستند إلى معدلات تُمثّل الواقع على الصعيد الوطني في الولايات المتحدة: "ليس هناك خطر في ذلك ما لم يفترض شخص ما أن جميع الأفراد من الجيل نفسه متشابهون، وهو أمر لا أعتقد أن أحدا سيفترضه".
ومع ذلك، يتبنّى الكثير منا هذا الافتراض بالفعل؛ يرى وودمان أن التعريفات المبسطة للأجيال تطمس الطبقة والجنس والعرق، وبالتالي تقلل من أوجه التفاوت بين أفراد الجيل الواحد. يُلقي كارلسون باللوم على الاستغلال التجاري للأجيال، مع وجود طفرة في المنتجات التي تستهدف جيلا دون آخر، كالكتب حول إدارة جيل الألفية في مكان العمل.
يقول كارلسون:
"إن الوعي بالتنوع بين أبناء الجيل الواحد لم يكن يوما أكثر أهمية مما هو عليه لجيل الألفية، وهو أكثر الأجيال تنوعا [في الولايات المتحدة] خلال قرن على الأقل".
وتُظهِر إحصاءات التعداد السكاني الأميركية أن جيل الألفية مُكوَّن من 56% من أصحاب البشرة البيضاء، مقارنة بـ 68% للأجيال الأكبر سنا.
وتيرة التغيير في المجتمع الحديث أفقدت التعريف البيولوجي التقليدي للأجيال أهميته
مواقع التواصل الاجتماعي
وقد دفع هذا التنوع البعض إلى تناول موضوع الأجيال بطريقة جديدة. صاغت شركة ماكريندل، وهي شركة أبحاث تسويقية مقرها في سيدني، مصطلح "الجيل ألفا" لوصف أصغر الأجيال الحالية، وهم أطفال أبناء جيل الألفية. وفقا لِآشلي فيل من شركة ماكريندل:
"إن الأجيال اليوم مُحدَّدة اجتماعيا وليس بيولوجيا".
تقول فيل إن وتيرة التغيير في المجتمع الحديث أفقدت التعريف البيولوجي التقليدي للأجيال أهميته، والذي يُعرِّف الأجيال بناء على فترة ممتدة من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة. وتضيف فيل: "تتغير مجموعات الفئات العمرية بسرعة كبيرة استجابة للتكنولوجيات الجديدة وتَغَيُّر الخيارات الوظيفية والدراسية".
صنّف الأجيال بحذر
يحدِّد البعض بالفعل الأجيال وفقا لفترات زمنية أقصر، مثل "Xennials"، وهو ما يُطلَق على الجيل المولود بين الجيل إكس وجيل الألفية، أي مواليد أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ويُعتبر جيلا مُصغَّرا. شاع استخدام هذه التسمية عبر مقالة نُشِرت في مجلة "GOOD" عام 2014. في الوقت الذي تعتقد فيه فيل أن تقسيم الأجيال أصبح أقصر بصورة طبيعية الآن، يحذّر وودمان من أنه بدون معايير متفق عليها لتقسيم الأجيال، فإن خلق أجيال مُصغَّرة قد يكون بلا معنى.يقول وودمان:
"يجب أن يحدِّد حساب الأجيال بوضوح الظروف الاجتماعية المتغيّرة والملموسة والتي لها آثار تتجاوز الشباب مقارنة بالأجيال السابقة. على الرغم من فائدة تقسيم الأجيال بدقة أعلى، فإنه لا يُبعدنا عن حدود هذه التصنيفات عموما؛ ويلزم معاملتهم بحذر وشك".
جيل طفرة المواليد هو أول من كبر بصحبة التلفاز كوسيلة إعلام جماهيرية
مواقع التواصل الاجتماعي
حتى لو كان أفراد "جيل ألفا" قد نشأوا على الواقع الافتراضي، فلا يوجد ضمان بأن ذلك سيؤدي إلى اختلافات اجتماعية كبيرة. كما أن الأجيال الأكبر سنا تتكيّف مع التقنيات الجديدة، مما يجعل من الصعب القول إن الاختلافات واضحة كما تبدو للوهلة الأولى.
ومع ذلك، يجادل كارلسون بأنه على الرغم من المناقشات، فإنه يجب علينا الاستمرار في تولية اهتمام لتقسيمات الأجيال. ويقول: "إذا لم نكن نولّي اهتماما لاختلافاتنا، فمن السهل أن نُسيء فهم المخاوف والآمال والأفكار السابقة والتوقعات العامة لجيل مختلف عن جيلنا".
النشأة بصحبة أداة معينة
- جيل طفرة المواليد
- مواليد منتصف الأربعينيات إلى منتصف الستينيات.
- التلفاز
- الجيل إكس
- مواليد منتصف الستينيات حتى منتصف الثمانينيات
- أجهزة الحاسوب
كان أبناء الجيل إكس هم أول الأطفال الذين امتلكوا أجهزة الحاسوب في المنزل. يدّعي البعض وجود جيل مصغّر ضمن هذا الجيل، المعروف باسم "Xennials" أو "جيل أوريغون تريل"، وهو الجيل الأصغر سنا الذي نشأ على لعب لعبة حاسوب باسم "أوريغون تريل"، مواليد هذا الجيل المصغّر من أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات.
- جيل الألفية
- مواليد منتصف الثمانينيات حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين
- وسائل التواصل الاجتماعي
من الرسائل النصية إلى واتس آب، شهد جيل الألفية تغيّرا تكنولوجيا سريعا في طريقة تواصلهم. كانت وسائل التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا من مرحلة المراهقة، وقد نقلوا هذه التجربة معهم إلى مكان العمل.
- الجيل زد
- مواليد العقد الأول من الألفية الثانية وصاعدا
- الآيباد
ومثلما نشأ مواليد "طفرة المواليد" على شاشات التلفاز، فإن أبناء "الجيل زد" هم أول من حصلوا على أجهزة الآيباد في سن مبكرة نسبيا. وقد برعت هذه المجموعة في النقر على الشاشات وتمرير أصابعهم عليها منذ الطفولة، فتعلمت هذه المجموعة كيفية التنقل في المشهد الرقمي وفقا لشروطها الخاصة.
-----------------------------------------------------------
ترجمة (آلاء أبو رميلة)
المقال منقول عن موقع ميدان دونما تصرف