تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للكويكبات والنيازك، الذي يصادف الثلاثين من يونيو، والذي كرسته الأمم المتحدة منذ 2015، خلد المتحف الجامعي للنيازك بأكادير ذكرى حادث انفجار نيزك بمنطقة سيبيريا (تنغوسكا بروسيا) قبل 109 أعوام، الذي يعتبر أكبر انفجار كونيّ شهدته الأرض في التاريخ الحديث.
تخليد هذا اليوم لم يكن في مدينة أكادير فقط، بل في 900 نقطة على الأرض موزعة على 170 دولة عبر العالم، اختارت التنسيق في ما بينها لتخليد هذا اليوم لتثقيف النّاشئة في المجال الفلكي، وتوعية المواطنين بالخطر المحتمل على كوكب الأرض الذي يمكن أن تشكله الكويكبات.
اللقاء العلمي، الذي حضره باحثون في علم الفلك من المغرب وأمريكا وطلبة وأساتذة وممثلو جمعيات مهتمة بعلم الفلك ونوادي علمية وعموم الزوار، عبّر فيه خبير النيازك عبد الرحمان إبهي، في محاضرة سماها "لنحمي الأرض من الكويكبات القاتلة"، عن القلق على مصير الأرض من خطر هذه الكويكبات التي من المحتمل أن تصطدم بالأرض في المقبل من السنوات، لاسيما مع زيادة عدد الكويكبات التى تمر بالقرب من الأرض.
وأوضح إبهي أن ذلك راجع لكون الأرض تقع في منطقة الخطر بسبب وجود ملايين الكويكبات التي تحوم حولها في "حزام الكويكبات" الذي يوجد في مدار بين المريخ وزحل، وأن المائة سنة القادمة قد تشهد كارثة تزول معها الحضارة البشرية كلها كما حصل قبل 65 مليون سنة وتسبب في انقراض الديناصورات، لكن هذه المرة مع البشر؛ حيث ستقضي هذه الكويكبات على مدن بأكملها، أو حتى على الحضارة العالمية برمتها.
أستاذ علم الفلك، صاحب كتاب "النيازك: لآلئ الصحراء المغربية"، تحدث، في مداخلته في هذا اللقاء العلمي، عن أنواع الكويكبات التي تعد بالملايير، إلا أن 300 ألف نوع هي التي توجد تحت مراقبة الإنسان، موردا أن هناك كويكبات عادية، وأخرى تقتحم مدار الأرض (les astéroides géocroiseurs) وأخرى قاتلة (Les asteroides tueurs) .
وأشار إلى نموذج كويكب " apophis" الذي سيكون مرئيا بالعين المجردة سنة 2029، وأنه يملك قوة تدميرية يمكنها أن تزيل من الوجود مدينة كبيرة وضواحيها. كما تحدث عن الكويكب الذي ضرب روسيا قبل 109 سنين وتسبب في اختفاء غابة بكاملها.
وأثناء حديثه عن المغرب، قال إبهي إن المغرب سبق له أن تعرض لسقوط كويكبات في ثلاث مناطق بإملشيل، منها كويكب قطره 100 متر سقط قبل 35 مليون سنة وخلّف حفرة نيزيكية تسمى "أكودال"، بالإضافة إلى الحفرتين إسلي وتسليت اللتين اكتشفهما باحثون مغاربة وما يزال النقاش العلمي حولهما جاريا.
وفي سياق حديثه عن إملشيل، أورد خبير النيازك أن طالبا باحثا مغربيا أعد أطروحته في علم الفلك بين جامعة ابن زهر وجامعة فيرارا الإيطالية، اكتشف ضمن بحوثه أن الأدوات الحجرية التي كان الإنسان الحجري يستخدمها في منطقة إملشيل ونواحيها غابت لمدة تزامنت مع الفترة التي تلت سقوط الكويكب في المنطقة، مما جعله يستنتج أن ذلك السقوط تسبب في اختفاء الإنسان في تلك المنطقة لفترة، وهو الأمر الذي يجعل من هذا الموضوع خطرا أكثر من التصحر أو القضايا البيئية الأخرى التي تستأثر باهتمام وسائل الإعلام.
ولتقريب حجم القوة التدميرية التي يمكن أن تحدثها هذه الكويكبات إذا ما سقطت على كوكب الأرض، قال الخبير إبهي إن الكويكب الذي سقط في المغرب قبل 35 مليون سنة تفوق قوته قوة 75 قنبلة نووية من النوع الذي سقط على هيروشيما.
ولم يفت الدكتور إبهي أن يعرض في محاضرته الوسائل المتاحة حاليا لحماية الأرض من خطر الكويكبات، وهي وسائل باهظة الثمن تعرضها المختبرات العلمية، ولا يمكن العمل بها إذا لم تنخرط الحكومات في العالم في الاستثمار في البحث العلمي المتعلق بهذا الشأن.
من جهته، تحدث الدكتور فؤاد خيري، في مداخلته في اللقاء العلمي ذاته، عن العينات النيزكية المتواجدة بالمتحف الجامعي للنيازك بأكادير، وفصل مزايا كل عينة وخصائصها وأصلها.
كما تم تنظيم زيارة لرؤية هذه العينات عن قرب وملامستها، ومشاهدة شريط وثائقي عن النيازك والكويكبات أنجزته قناة ثقافية فرنسية ألمانية، بتعاون مع المتحف الجامعي للنيازك. وتم فتح نقاش بين الخبراء وعموم المهتمين للإجابة على تساؤلات الحاضرين وتبسيط المفاهيم العلمية لعموم المواطنين.