فاز
الباحث المغربي في علوم البكتيريا "عدنان رمال" بجائزة "المبتكر
الأوروبي" لسنة 2017، - فئة الجمهور- بفضل اكتشافِه طريقةً لمكافَحة
البكتيريا التي اكتسَبَتْ مقاومة ضد المضادات الحيوية التقليدية؛ باستخدام مُستخلصاتٍ
نباتيةٍ طبيعية. حسب موقع "المكتب الأوروبي
للبراءات" التابع للهيئة المنظِّمَة للجائزة، فإن الفكرة التي طوَّرَها
الباحث المغربي؛
تتمثل في "تنشيط" المضادات الحيوية التقليدية باستخدام
الخصائص الطبية للنبات. وهو اختراعٌ سيُساعد على محاربة المقاوَمَة البكتيرية؛
الناجمةِ عن تعاطي المضادات الحيوية، وَوَقْفِ انتشارِ الجراثيم ذات المقاومة
المتعددة، التي تُعتبر أخطرَ تهديد تواجِهُه البشرة في عصرِها الحديث.
ويعمل عدنان الرمَّال
أستاذاً لِعِلم الأحياء والأحياء الدقيقة في جامعة محمد بن عبد الله بمدينة فاس
المغربية، وقد اشتغل الدكتور عدنان على تطوير هذه اكتشافِهِ هذا منذ أكثر من
عقديْن، وحصل على براءة اختراعٍ من قِبَل المكتب الأوروبي للبراءات في عام 2014م،
وعلى جائزة الابتكار في السنة الموالية على مستوى إفريقيا. وقد لاحظ الرمَّال خلال
أبحاثه المتواصِلة؛ أنَّ العديد من النباتات والأعشاب على وجه الخصوص، تتمتع
بخصائص فعَّالة مُضادة للميكروبات والطفيليات والفطريات عند استعمالِها بجرعات
كبيرة.
ولكنَّ هذه الجرُعات
الكبيرة قد تكون قاتلة للإنسان؛ بسبب الآثار الجانبية التي تخلِّفها مثل الصداع
والغثيان وارتفاع أو انخفاض الضغط أو المغص. فكان فكرة الدكتور عدنان هي استخلاص
المزايا العلاجية لهذه النباتات وتجنّب مضارِّها الصحية. ولقد توصل أخيرا إمكانية
الجمع بين المضادات الحيوية والزيوت العطرية والحصول على تأثير متناغم مع تجنب
الآثار الجانبية. وقد أفضى هذا البحث الجاد والطويل إلى اختراع دواء جديد؛ يخضع
الآن للتجارب السريرية النهائية قبل طرح في الصيدليات ليكون في متناول مُحتاجيه.
بالإضافة إلى هذا الدواء الذي يُقوي فعالية المضادات الحيوية، اخترع الرمَّال
مكَمِّل غذائي مُستمدٍ من الزيوت الأساسية؛ لتحل محل المضادات الحيوية وغيرها من
المواد الكيميائية في علف الحيوانات. ويوجد اليوم أكثر من مئة مضاد حيوي؛ مقسم إلى
عدة فئات، لكل منها طريقة العمل الخاص بها. ويشبّه عدنان الرمَّال طريقة عملِها على
المستوى الجزيئي بمفتاح يستخدم لفتح الباب "فبمجرد فتح الباب، تموت
البكتيريا، ولكن إذا حدثتْ طفرة؛ فإنها تُغير قليلا من القفل عندها لا يمكن
للمفتاح الدخول وتصبح البكتيريا مقاومة للمضاد ".
وبـــ"تنشيط"
المضاد الحيوي بالزيوت الطبيعية للمضادات الحيوية، اخترع الباحث المغربي مفتاح لا
يكتفي بمجرد فتح الباب، بل هدمِهِ كذلك. ويجمع "مفتاح" عدنان الرمَّال
بين الخصائص الطبيعية المضادة للميكروبات من النباتات المحلية وخصائص المضادات
الحيوية المعروفة. ويخلق التفاعل بين الجزيئات الطبيعية "المنشطة" والمضادات
الحيوية "جزيئات معقدة" تجد آليات المقاومة التي تستخدمها البكتيريا
صعوبة في التعرف عليها. عندها يصعب على البكتيريا تطوير مقاومة فعالة ضد العلاج
المضاد للعدوى.
ويمثل تزايد البكتيريا ذات المقاومة المتعددة للمضادات الحيوية في العالم، تهديدا كبيرا على الصحة البشرية في المستقبل. إذ تقتل الإصابات الناتجة عن البكتيريا المقاومة حوالي 700 ألف شخص سنويا في جميع أنحاء العالم. وقد يصل هذا العدد إلى 10 ملايين بحلول عام 2050؛ في غياب جيل جديد من المضادات الحيوية. ومن الناحية المالية؛ تُقدَّر التكاليف المالية السنوية المرصودة لمكافحة البكتيريا المقاومة بنحو 1.5 مليار يورو على الأقل وفقاً لتقرير "البنك الدولي" الذي نشر في عام 2016. كما أن ما يتم التوصل إليه من مضادات حيوية جديدة يضل محدود الفعالية، وبعضُه ذو تأثيرات جانبية خطيرة. من هنا؛ تأتي أهمية الدواء الذي طوَّرَه الدكتور رمَّال مؤخرا، والذي يهاجم البكتيريا معتدلة وشديدة المقاومة بفعالية أكبر من المضادات الحيوية التقليدية. مع آثار جانبية طفيفة أو منعدِمة؛ حسب تصريح المكتب الأوروبي للبراءات. كما يتميز العقار الجديد بانخفاض تكلفة الإنتاج، وبالتالي سيُباع في الصيدليات بأسعار معقولة وفي متناول الجميع، لأنه يستخدم جزيئات طبيعية آمنة ومضمونة تم اختبارُها والمصادقة عليها في صناعة المستحضرات الصيدلانية.
وفي الوقت نفسه، تتناول
المكملات الغذائية الطبيعية للماشية التي طورها الباحث المغربي جانبا آخرَ من
المشكلة، لأن نصف المضادات الحيوية المصنعة في العالم، بما فيها تلك الضرورية للطب
البشري، تُستخدم في علف الحيوانات. وتُعطى هذه المضادات الحيوية في جرعات ضعيفة
دون الجرعات العلاجية، بهدف تحفيز نمو الماشية، ولكنها تسمح للكائنات الدقيقة
بالبقاء على قيد الحياة؛ من خلال تطوير المقاومة. وبعد ذلك تتحول عبر السلسلة
الغذائية، كما هو الحال بالنسبة للسلالات المقاومة للسالمونيلا وإي كولاي، وتتكاثر
في مياه الصرف الصحي وأحواض المياه.
وأثبتتْ المكملات
الغذائية التي طوَّرَها الدكتور الرمَّال فعالية كبيرة جدا؛ تتعدى مفعول المضادات
الحيوية التقليدية عند إضافتها للأعلاف، لكن من دون آثار أو أعراض جانبية. كما
أنها لا تُفضي إلى تطوير البكتيريا لمقاومتِه ضد هذه المضادات. وقد بلغت
"المضادات الحيوية المنشطة" التي توصل إليها الرمَّال آخر مراحل التجارب
السريرية، ومن المنتظر أن تُطرح في الأسواق في أواخر العام 2017.