random
آخر التقارير

القواعد الـ48 للسلطة (1-4)


“كتاب يناقض النظرة التقليدية للأخلاق التي لا ترى في أفعال الناس إلا الأبيض والأسود.. حيث إن معظم قواعد الكتاب يمكن أن تستخدم للخير أو للشر، حسب عقلية كل قارئ”، هكذا علق أحد القراء على الكتاب.
آخرون أكدوا أن ميكافيللي بكتابه الأمير لو قرأ هذا الكتاب لما كتب الأمير أبدًا. الكتاب صدر سنة 1998 للكاتب الأمريكي روبرت غرين، وهو يدلل على كل قاعدة من قواعده الـ48 بأكثر من حكاية وتجربة، يقول إنه جمعهم من كتب التاريخ.

“إذا تأملنا لعبة الشطرنج وجدنا فيها ثمانٍ وأربعين خانة، وهي في علم السياسة ثمانٍ وأربعون قانونًا للقوة”، تلك أحد تفسيرات غرين لعدد القواعد.
وسنحاول في مقالاتنا الأربعة الوقوف أمام تلك القواعد الـ48 وحكايتهم.

1- لا تشرق أكثر من الرئيس


أشعر رؤساءك بالاطمئنان لمكانتهم وتفوقهم، استعراضك لذكائك أمامهم قد يشعرهم بالتهديد والقلق منك.
تقول الحكاية إن عالم الفلك الإيطالي جاليليو كان معتدمًا على هبات الحكام من أجل تمويل اختراعاته واكتشافاته، لكن سنة 1610، وبعد اكتشافه لأقمار كوكب المشتري الأربعة قرر جاليليو اتباع استراتيجية جديدة.
ذهب جاليليو لآل ماديتشي (أسرة حاكمة اتخذت من المشتري شعارًا لها) وأخبر كوزيمو الثاني الذي كان قد وصل توًا للعرش أن الأقمار الأربعة للمشتري تتناغم مع أبناء آل ماديتش الأربعة (فقد كان له ثلاثة إخوة)، وأن ذلك دليل على تصاعد مجد الأسرة.
ونتيجة لذلك أصبح جاليليو عالم البلاط، ولم يعد في حاجة لاستجداء أحد.

2- لا تثق في أصدقائك وتعلم الاستفادة من أعدائك

أول من يخونك بدافع الحسد هم الأصدقاء، وهم الأخطر إذا ما قرروا إيذاءك، بعكس لو اتخذت من عدوك صديقًا، فغالبًا سيفعل الكثير ليثبت ولاءه لك.
كانت الصين منذ سنة 222 م مركزًا للانقلابات العسكرية، فما كان يصعد ملك للسلطة ويظل حاكمًا للبلاد سنتين أو ثلاثة حتى يتمكن أحد قواد الجيش من قتله ويأخذ مكانه، حتى كان مجيء الملك شاو ين سنة 959 بانقلاب عسكري بمساعدة أصدقائه في الجيش.
إلا أنه بمعرفته لخصالهم وما سيفعلون به جمعهم ووعدهم بالرخاء المادي حال تقاعدهم، وهي فرصة لهم لتجنب قتلهم حال أصبحوا سلاطين بانقلاب من بعده. وافقوا جميعًا وتنحوا عن مناصبهم. وكانت من أشهر قصص السيطرة على الأصدقاء \ الأعداء المحتملين.

3- استعن على تحقيق أهدافك بإخفاء مقاصدك


تكتم على مقاصدك حتى تربك من حولك وتمنعهم من الكيد أو الاستعداد لك، لا تظهر خطتك حتى إذا ما بدأوا في تفسيرها يكون الأوان قد فات.
كان الدوق مارلبورو قائد الجيش الإنجليزي سنة 1711 يرغب في تحطيم قلعة فرنسية لأنها تحمي طريق يمكنه من خلاله التوغل داخل فرنسا، لكنه كان يعرف أنه لو دمر القلعة فسيعرف الفرنسيون بنيته في التوغل من ذلك الطريق، لذلك استولى عليها فقط، وترك بعض الجنود الفرنسيين لتظن فرنسا أنه مهتم بالقلعة لسبب ما.
عاد الفرنسيون للسيطرة على القلعة وتركها الدوق لهم، وبمجرد حصولهم عليها دمروها بأنفسهم خوفًا من رجوع الدوق لها. وبهذا أصبح الطريق لقلب فرنسا خاليًا من أي قلاع تحميه.

4- اقتصد في كلامك

كلما تحدثت أكثر كلما زاد احتمال أن تقول شيئًا تافهًا أو غبيًّا، كثرة الكلام تضيع هيبتك وتظهرك أقل عزمًا، أصحاب السطوة يؤثرون بالإيجاز في الكلام.
“من الأخطر على وزير البوح بالحماقات من أن يرتكبها” الكاردينال دي ريتز.
السطوة بالأساس لعبة مظاهر، الصمت يجهد الآخرين؛ لأنهم بطبيعتهم يميلون لفهم من يتعاملون معه.
أدرك الرسام آندي وارهول ذلك في صغره، واستخدم تلك الاستراتيجية بنجاح طوال حياته، فكان في أي لقاء صحفي يتحدث بكلمات مبهمة تجهد السائل في تفسيرها. يقول آندي إن قلة الكلام عن الأعمال الفنية يجعل الناس تتحدث عنها أكثر.

5- الكثير يعتمد على السمعة، فاحمها بحياتك

“جراح الضمير أسهل من جراح السمعة” نيتشه.
سقوط سمعتك يعرضك للضربات من كل جانب، حافظ على سمعتك واحمها من أي خطط تحاك ضدها. وتعلم تدمير خصومك بالهجوم على سمعتهم، واتركهم للعوام ينصبون لهم المشانق.
في البداية عليك أن ترسخ سمعة تقوم على إحدى مميزاتك (ذكائك، كرمك، أمانتك)، سوف تميزك تلك الخصة، وسيتحدث الناس عنها، وستنتشر كالنار في الهشيم مع علو سطوتك.
ربما تكون قد أفسدت سمعتك بالفعل، حينها الجأ لحسني السمعة وارتبط بهم، حين أراد بارنوم التخلص من حديث الناس عنه كناشر للفن البذيء أحضر المغنية جيني ليند من أوروبا وكانت مشهورة برقي فنها، ونجح ذلك في تغيير الصورة السلبية عنه، وتكوين صورة راقية.

6- الفت الانتباه إليك بأي ثمن


لا أحد يهتم بما لا يراه، الفت الانتباه باختلافك أو بغموضك، ولا تضيع وسط الجموع. افتعل فضيحة أو افعل أي شيء يجذب أنظار الناس إليك، ويجعلك تبدو أسطوريًّا أو مختلفًا.
كان العالم توماس إيدسون يعرف أنه عليه لكي يحصل على المال اللازم أن يجذب الانتباه، فكانت طريقة كشفه لاخراعاته وعرضها على الجمهور لا تقل عنده عن الاختراع نفسه.
لذلك حصد الانتباه عن أبرز منافسيه تسلا، والذي كان ربما أكثر عبقرية من إيدسون.

7- دع الآخرين يقومون بالعمل نيابة عنك، وسجل ذلك لحسابك دومًا

لا تفعل بنفسك ما يمكن أن يفعله الآخرون لك، استخدم معرفة الآخرين وعلمهم وذكاءهم لتحقيق أهدافك، فذلك لن يوفر لك الجهد والوقت فقط، لكن سيظهرك في هالة إعجازية من الذكاء والكفاءة.
أدرك الفنان بيتر روبنز ذلك نتيجة الضغط عليه في أعمال أكبر من قدرته على التنفيذ، فشكل نظامًا خاصًا في مرسمه، يجمع أكثر من رسام شاب موهوب، أحدهم يرسم الثياب والآخر السماء، وهكذا تنتهي اللوحات أثناء مراقبته للمشتري.

8- استدرج الآخرين لفعل ما تريد

اغري خصومك ليأتوا إليك متخلين عن خططهم الخاصة. ونجد ذلك كثيرًا في عالم المفاوضات السياسية، حيث استدراج الخصوم لموقعك، ذلك الموقع الذي تملك فيه السطوة، فيكون لك الكلمة عليهم. خطط لجعلهم يفعلون ما تريده وتتحقق لك المكاسب أنت تحت غطاء أنهم حصلوا على ما يريدون.

9- انتصر بأفعالك لا بكلامك


الانتصارات اللحظية التي تظن أنك قد حققتها بانتصارك في جدال هي انتصارات تافهة، فهي تترك الضغينة والامتعاض ولا تغير شيئًا في قناعة أي شخص، عليك أن تثبت آراءك بطرق غير مباشرة، بالتلميح لا التصريح.
الكلمات لا قيمة لها في ذاتها، فكلنا يعلم أننا وقت الجدال نقول أي شيء يؤيد موقفنا، كأن نستشهد بالكتب المقدسة والإحصائات غير المؤكدة. الجدال اللفظي له دور واحد في عالم السلطة: تشتيت الانتباه والتغطية على حيلك حين تخادع، أو يتم الكشف عن كذبك.
قاطع أحد الحاضرين خروتشوف حينما كان يلقي بيانًا يتبرأ فيه من ستالين وأفعاله، وسأله: “لماذا لم توقفه حينها وقد كنت زميله؟”، تظاهر خروتوشف بأنه لم يتعرف على السائل، ثم صاح بعصبية “من سأل هذا السؤال؟”، فلم يجيب أحد، بعدها بثواني صاح “الآن تعرف لِم لَم أوقفه”.

10- تجنب العدوى من غير المحظوظين والتعساء

خالط السعداء والمحظوظين حتى ينتقل لك حظهم، البائسون قد يضروك ببؤسهم ومحاولتك لمساعدتهم. بالطبع من يعانون لظروف خارجهم يستحقون المساعدة، لكن من هم بؤساء بسبب غباء أفعالهم وقرارتهم ليس عليك دائمُا مساعدتهم.
مصاحبة الاذكياء ومصادر البهجة والثقافة لك أمر ضروري، وهو ما فعله نابليون بمصاحبته الدائمة لوزيره تاليران، واحد من أكثر رجال فرنسا لطفًا وذكاءً وبراعةً، فكان نابليون يعمل على أن يظل تاليران بجانبه أكبر قدر ليمتص منه ثقافته.

11- تعلم أن تحتفظ باعتماد الآخرين عليك

لا تعلم أحدًا أبدًا بحيث يصبح مستغنيًّا عنك. لا تخطئ مثل الكثيرين وتظن أن السطوة في الاستغناء عن الناس، الشخص المستغني عن البشر يكون حر كحرية ساكن الغابة وحيدًا، بإمكانه الذهاب لأي مكان، لكن لا سلطة لديه على أحد.
“هكذا فإن الأمير الحكيم هو من يعمل بكافة الطرق لجعل مواطنيه في كافة ظروفهم يعتمدون عليه وعلى دولته، حينها يمكنه أن يثق فيهم” ميكافيللي.
كان لويس الحادي عشر ملك فرنسا معجب بمنجمه ويثق فيه من صدق ما كان يحكيه له ويتحقق، حتى خاف من أن يكون ممتلك لقوة سحرية فقرر قتله. جمع رجاله وأخبرهم بقتله حين يعطيهم الإشارة، وسأل منجمه عما يظن عن طول حياته، فرد عليه: سأموت قبلك بثلاثة أيام.
بالطبع لم يعطِ لويس الإشارة لجنوده أبدًا، وأوكل للأطباء الاهتمام بصحة ذلك الرجل بأقصى ما يستطيعون. النصيحة هنا: اجعل الآخرين يعتمدون عليك بحيث يعني التخلص منك كارثة لهم.

12- جرّد خصمك من أسلحته بكرمك

الهدية التي تقدمها في الوقت المناسب قد تكون كحصان طروادة لك. الهدايا تفتح لك قلوب الكثيرين، لتفعل بهذه القلوب ما تريد بعد ذلك.
الصينيون قالوا عن ذلك “اعط قبل أن تأخذ”، فعطاؤك لا يجعل الشخص يلاحظ ما تأخذه، أن تأخذ شيئًا عنوة حتى لو كانت لك سلطة كبيرة ذلك سيجعل الضحية يخطط للانتقام منك. والعطاء يمكن أن يكون تعاطفًا أو أي شيء معنويًّا غير الهدايا.

حاصر الرومان كثيرًا مدينة الفاليسكانيين رغبة في إخضاعها لسطوتهم، وفي إحدى مرات حصار القائد كاميلوس لها، تمكن من أسر معلم ومعه أطفال، عرف كاميلوس أن أسره للأطفال لن يفيد بشيء، فتركهم. فكان ذلك نقطة له جعلته يكسب ثقة شعب الفاليسكانيين، ويخضعون لسطوته.


القواعد الـ48 للسلطة (2-4)
القواعد الـ48 للسلطة (3-4)
القواعد الـ48 للسلطة (4-4)


google-playkhamsatmostaqltradent