يستمر التنافس المحلي والعالمي بين مؤسسات التعليم العالي المختلفة على مدار مسيرتها التعليمية، وتأخذ فيه مساعي هذه المؤسسات نحو المقدمة صورا وأشكالا متنوعة تبرز في جهود تعزيز البحث العلمي، أو توفير الدعم المالي لاستقطاب الطلاب الدوليين، أو إثراء البيئة التعليمية بالتقنيات والمنهجيات المتقدمة، أو غير ذلك، لكن جهات أخرى متخصصة تعمل على خلق وبناء معايير منطقية مهمة للمفاضلة بين المؤسسات التعليمية الأكاديمية وتسليط الضوء على جهودها المميزة وتصنيفها أيضا وفقا لهذه المعايير والتي تختلف أيضا من جهة لأخرى، وهذا يعني أيضا اختلاف مكانة المؤسسة التعليمية باختلاف التصنيف، لكنه وعلى الأغلب اختلاف ليس بالكبير، فمؤسسات التعليم العالي المتميزة تبني مكانتها من خلال رفع جودة نظامها في جوانب عدة دون الاقتصار على جانب واحد فقط.
إذا أردنا أن نتعرف على أفضل الجامعات في أحدث التصنيفات الصادرة فلدينا عدة تصنيفات مثل: تصنيف "URAP"، تصنيف "THE"، تصنيف "Webometrics"، تصنيف "Shanghai"، وتصنيف "QS" وهو التصنيف الذي اخترناه لنعرف كيف صنع التصنيف قائمته؟ وما أفضل الجامعات على مستوى العالم؟
تصنيفات "QS"
يصدر التصنيف عن جهة متخصصة في التعليم هي شركة "ماكواريل سيمون" (Quacquarelli Symonds)، تنتشر فروعها في باريس، وشتوتغارت، ومومباي، ولندن، وسنغافورة، وتقوم سنويا بإصدار عدد من التصنيفات العالمية بعد تحليل بيانات 3,800 مؤسسة تعليم أكاديمية من المؤسسات التعليمية المنتشرة حول العالم باستخدام معايير تختلف باختلاف التصنيف، وتنشر نتائجها على موقع "توب يونيفرستي" (Topuniversity).
التصنيف العالمي للجامعات
أول هذه المقاييس هو "الشهرة الأكاديمية"، وهو الأعلى نسبة بينها أيضا، فيذهب 40% من الدرجة الكلية لصالح هذا المقياس، ويتم تحديد مستوى الشهرة الأكاديمية للمؤسسة بناء على مسح أكاديمي يجمع آراء أكثر من 80,000 خبير من الوسط الأكاديمي حول جودة التدريس والبحوث لدى جامعات العالم، ويلي هذا المقياس مباشرة "الشهرة لدى المشغلين"، ويعني هذا قياس شهرة جامعات العالم في أوساط المشغلين من خلال مسح تقيمه مؤسسة "كيو إس" وتجمع فيه أكثر من 40,000 رأي لمشغلين مختلفين حول العالم، ويخصص له 20% من الدرجة الكلية، وهي تعادل النسبة المخصصة للمقياس الثالث "نسبة الأساتذة إلى الطلبة"، فالمؤسسة تعتبر أن جودة التدريس مرتبطة بمدى قدرة الجامعة على تسهيل وصول الطلبة للمحاضرين والأساتذة، وهو ما يترتب عليه أيضا تقليل الجهد التعليمي على الأساتذة في حال توفير عدد أكبر من الأساتذة في مقابل عدد الطلبة1.
تهتم مؤسسة "كيو إس" أيضا بـ "البحث الأكاديمي"، وهو المقياس الرابع، فهي تعتبره أهم ركائز رؤية الجامعة إلى جانب التدريس، وبالتالي فهي تقيس جودة البحث الأكاديمي الذي تنجزه الجامعة من خلال حساب عدد الاقتباسات العلمية التي اقتُبست من بحوث الجامعة خلال مدة خمس سنوات ثم قسمته على عدد أساتذتها، وخصصت لهذا المقياس 20%، وقد وصل عدد الاقتباسات التي قيمتها المؤسسة لهذا العام إلى 66 مليون اقتباس تم استخراجها من 13 مليون ورقة علمية2.
يتبقى من الدرجة الكلية للتقييم 10%، توزع مناصفة على مقياسين هما "نسبة الأساتذة الدوليين" و"نسبة الطلبة الدوليين"، فالمؤسسة ترى أن للوجود الدولي في أي جامعة مزايا عدة أهمها إظهار قدرة الجامعة على استقطاب الأساتذة والطلبة الدوليين من كافة أنحاء العالم، وبالتالي بناء علامة دولية قوية للجامعة، إلى جانب كونه يبني بيئة متعددة الثقافات ويسهل تبادل أفضل الممارسات والأفكار ويعزز الوعي الدولي واكتساب المهارات3.
أفضل الجامعات لعام 2019
تصنيف أفضل 50 تحت 50
نلاحظ في قائمة أفضل خمسين جامعة سيطرة دول شرق آسيا على قرابة 20 مركزا في القائمة، بينما توزعت المراكز المتبقية على دول مختلفة في أوروبا وأميركا، وبرز ذلك أيضا في المراكز الخمسة الأولى، فحصلت سنغافورة على المرتبة الأولى، تلتها هونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، وفرنسا، وظهرت في القائمة دول عربية هي: الإمارات عند المركز 33 لجامعة خليفة، وعند المركز 44 للجامعة الأميركية في الشارقة، وقطر عند المركز 36 لجامعة قطر.
ما أقوى أنظمة التعليم العالي في العالم؟
يأتي مقياس "قوة النظام" في مقدمة هذه المقاييس، ويستخدم لتقييم قوة النظام الوطني في بلد ما بناء على التصنيفات الدولية، أي إن الدرجة التي سيحصل عليها النظام ستزيد بزيادة عدد جامعاته التي ظهرت في قائمة أفضل 700 جامعة في التصنيف العالمي للجامعات الذي تصدره المؤسسة، يليه مقياس "الوصول"، فالمؤسسة ترى أن تسهيل وصول الأشخاص لتعليم أكاديمي ذي جودة عالية هو من أهم الجهود التي ينبغي أن تبذلها أنظمة التعليم الأكاديمي، وتحسب درجة هذا المقياس بناء على عدد المقاعد المتاحة للطلبة في جامعات قائمة أفضل 500 جامعة في العالم في تصنيف "كيو إس" مقسوما على مؤشر الكثافة السكانية4.
المقياس الثالث هو "المؤسسة الرئيسية"، ويقيّم أداء المؤسسات الرئيسية الشهيرة في بلد ما ضمن التصنيف العالمي، من خلال حساب عدد جامعات بلد ما في التصنيف العالمي، والذي تعتبره مؤسسة "كيو إس" مؤشرا على قوة الاستثمار الوطني في تطوير مكانة مؤسسات التعليم الأكاديمي في هذا البلد، أما المقياس الرابع والأخير هو "السياق الاقتصادي"، ويقيّم أثر الاستثمار الوطني على التعليم العالي في بلد ما، ويقارن الوضع الاقتصادي للبلد مع وجود مؤسساته الأكاديمية في التصنيفات العالمية، وتختلف الدرجة التي تحصل عليها الجامعة في هذا التقييم بناء على مكانتها في التصنيف العالمي للجامعات، هل كانت في قائمة أفضل 100 جامعة مثلا، أو قائمة أفضل 501-600 جامعة، وهكذا5.
بعد تقييم أنظمة التعليم العالي في عدة دول مختلفة حول العالم تنشر مؤسسة "كيو إس" قائمتها لأفضل هذه الأنظمة، وقد نشرت مؤخرا هذه القائمة لعام 2018، والتي شهدت بعض التغييرات عن القائمة السابقة التي صدرت عام 2016، ففي عام 2016 كانت المراكز الخمسة الأولى من نصيب الدول: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، أستراليا، كندا على الترتيب، وفي قائمة هذا العام 2018 حافظت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مراكزها باعتبارها أقوى أنظمة التعليم العالي في العالم، بينما تراجعت ألمانيا لتسيطر على مركزها أستراليا، وتبعتها كندا.
ولكل من هذه التصنيفات مقاييس خاصة به.