random
آخر التقارير

الرياضيات.. لغة العلم أم الفلسفة والدين؟



في يوم 24 (مايو/أيار) من عام 1543م، وبينما كان على فراش الاحتضار، نشر عالم الفلك والرياضيات والفلسفة نيكولاس كوبرنيكوس بحثه الذي يدحض فيه نظرية أرسطو الفلكية والتي تبناها من بعد أرسطو العالم الفلكي بطليموس، والتي تتحدث عن أن الأرض هي مركز الكون، بينما أثبت كوبرنيكوس بالأدلة الرياضية أن الأرض مجرد كوكب يدور حول الشمس، تلك الأطروحة التي كان يعلم كوبرنيك أنها ستقلب عليه الأوساط العلمية والكنيسة حينها، بل ستجعله ضحية جديدة من ضحايا محاكم التفتيش.

أطروحة ستغير السماء في عين كل فيزيائي، مؤسسة بذلك بداية عصر النهضة الأوروبي، والتخلص من سيطرة الكنيسة، إذ مثلت تجسيدا لتحدي المجتمع العلمي للكنيسة الأوروبية، ممهدة لثورات اجتماعية وسياسية وفلسفية وعلمية أخرى شكّلت عالمنا الحالي، ووضعت أسس علم الفلك والفيزياء، واضعة حجر الأساس للثورة الصناعية وبزوغ عصر التكنولوجيا والبرمجيات وكل ما يُشكّل حياتنا اليوم.

وبينما ينبهر الجميع بتاريخ تطور علوم الفلك والفيزياء، يغفلون علما آخر يعتبر هو أم العلوم ولغة العلم الحديث والقديم، وهو علم الرياضيات، الذي لم يكن كوبرنيك من دونه ليستطيع أن يحسب مواقع الأجرام السماوية ويدحض نظرية أرسطو وبطليموس، وبدونه لم تكن التكنولوجيا والآلات وعلم الفيزياء والميكانيكا وميكانيكا الكم قد رأت النور، وبدونه لم نكن لنرى التطور الهائل للبرمجيات وعلم الأحياء والكود الجيني.



إن الحضارة مدينة لعلم الرياضيات الذي تطورت بفضله كل العلوم، إلا أنه وبالعودة لأصول علم الرياضيات ونشأته خاصة في المدرسة الفيثاغورية باليونان القديمة، يتضح أن لعلم الرياضيات معانٍ أخرى دينية، فبينما استخدم الأوروبيون علم الرياضيات في النهضة العلمية، التي أدت للتخلص من سلطة الدين، كانت الرياضيات تحوي بداخلها معانٍ دينية خالصة، فهل يمكن أن نعد الرياضيات لغة دينية قبل أن تمثل لغة العلم؟

google-playkhamsatmostaqltradent