علاقات التكافل الوثيق بين نوعين مختلفين من الكائنات أو أكثر تعد من أهم العلاقات السائدة بين مختلف الكائنات الحية (الأناضول) |
تتوزع علاقة التكافل بين الأشجار والبكتيريا والفطريات في مناطق متباينة حول العالم، وقد استطاع باحثون وضع خرائط لأهم أنواع العلاقات التكافلية، ما مكنهم من وضع مراجع بيولوجية جديدة تحدد موقع ازدهار أنواع معينة من هذه العلاقات وتطورها.
وكشفت دراسة جديدة قام بها ما يزيد على مئتي عالم، وتعتمد على رسم ثلاثة خرائط للعلاقات التكافلية الأكثر انتشارا على سطح الأرض، وتضم أكثر من 1.1 مليون موقع غابي و28 ألف نوع من الأشجار؛ عن خصائص جديدة لتلك العلاقات وعوامل اختلافها بين مكان وآخر، وهو ما يساعد العلماء في المستقبل على فهم كيفية تكون هذه العلاقات التكافلية في الغابات وكيف يمكن أن تتأثر بالاحترار الذي تشهده الأرض.
منافع متبادلة .. يستفيد كل من الآخر
تعتبر علاقات التكافل أو الارتباط الوثيق بين نوعين مختلفين من الكائنات أو أكثر بما يعود بالنفع على كل منهما من أهم العلاقات السائدة بين مختلف الكائنات الحية كالحيوانات والنباتات والبكتيريا والفطريات.
وركز الباحثون في رسم الخرائط الجديدة على ثلاثة من أكثر أنواع علاقات التكافل شيوعا، وهي تلك التي تجمع الأشجار والفطريات الجذرية المفصلية والفطريات الحلقية والبكتيريا المثبتة للنيتروجين.
وتشمل كل فئة من هذه الفئات آلاف الأنواع من الفطريات أو البكتيريا التي تشكل شراكات فريدة مع أنواع الأشجار المختلفة.
واستخدم الباحثون لإنجاز هذه الخرائط بيانات ضخمة حول ملايين الأشجار في مناطق مختلفة من العالم تم جمعها في إطار المبادرة العالمية للتنوع البيولوجي للغابات، التي قامت بمسح الغابات والأراضي الحرجية والسافانا في جميع القارات (باستثناء القارة القطبية الجنوبية) والنظام البيئي على الأرض.
قاعدة بيولوجية جديدة
قام العلماء باستخراج معلومات من قاعدة البيانات هذه، حول موقع 31 مليون شجرة والفطريات أو البكتيريا التي ترتبط بها في خوارزمية تعليمية لدراسة كيفية تأثير المتغيرات المختلفة كالمناخ وكيمياء التربة والغطاء النباتي والتضاريس في هذه العلاقة.
ووجد الباحثون أن البكتيريا المثبتة للنيتروجين قد تكون محدودة بسبب درجة الحرارة وحموضة التربة، في حين أن نوعي الفطريات موضوع الدراسة يتأثران بشدة بالمتغيرات التي تحدد نسق تحلل المادة العضوية في البيئة مثل درجة الحرارة والرطوبة.
ومكنت هذه الاستنتاجات من وضع قاعدة بيولوجية جديدة، أطلق عليها الفريق "قاعدة ريد"؛ نسبة لرائد أبحاث التكافل عالم النبات الإنجليزي ديفيد ريد.
وقال برايان شتاينجر الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ستانفورد "يوجد كثير من الأنواع التكافلية المختلفة، ويظهر أنها تتبع قواعد واضحة"، ويضيف المؤلف الرئيسي للدراسة "تتنبأ نماذجنا بتغييرات هائلة في الحالة التكافلية لغابات العالم، وهي تغييرات قد تؤثر على نوع المناخ الذي سيعيش فيه أحفادك".
توقعات
وأعطى العلماء مثالا على كيفية تطبيق هذا البحث، باستخدامهم الخرائط الجديدة للتنبؤ بكيفية تغير علاقة التكافل بين هذه الكائنات الثلاث بحلول عام 2070 إذا استمرت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بالوتيرة الحالية نفسها.
وكشف هذا السيناريو عن انخفاض بنسبة 10% في الكتلة الحيوية لأنواع الأشجار المرتبطة بنوع من الفطريات الموجودة، خاصة في المناطق الأكثر برودة.
وحذر الباحثون من أن مثل هذه الخسارة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لأن هذه الفطريات تميل إلى زيادة كمية الكربون المخزنة في التربة.
يقول الباحثون إنه ستتم إتاحة خرائط هذه الدراسة مجانًا، على أمل مساعدة العلماء الآخرين على إدراج علاقة الأشجار التكافلية مع كائنات أخرى في أبحاثهم. في الوقت الذي يعتزمون فيه توسيع نطاق عملهم إلى ما وراء الغابات لمحاولة فهم كيفية تأثير تغير المناخ على النظم الإيكولوجية.