random
آخر التقارير

طريقك للتحرر من الغضب والتوتر

طريقك للتحرر من الغضب والتوتر


الحان الجردي.. أخصائية نفسية
الحان الجردي.. أخصائية نفسية
تشير معظم الدراسات في مجال علم النفس أن معظم الاضطرابات النفسية تنبع في البداية من مشاعر القلق والتوتر، والانفعالات المتزايدة التي تصبح مع الوقت حالة من الغضب الدائم، وبالتالي يعيش الفرد أغلب اوقاته على شكل معاناة داخلية ويبتعد عن الشعور بالرضا والسلام النفسي. 

تبدأ أحاسيس التوتر والقلق مصاحبة للحاجات والرغبات والمتطلبات الحياتية، بحيث يبذل الفرد الكثير من الجهد لتلبية تلك الحاجات التي تأخذ مع الوقت شكل الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها، فينشأ الخوف من عدم القدرة على إشباع تلك المتطلبات ويظهر التوتر والقلق كمزيج من الخوف والرغبة وبذل الجهد، فيكون الفرح الوقتي نتيجة تلبية الرغبة ويتبعها ظهور رغبة أخرى، بينما ينتج الغضب والشعور بالفشل نتيجة عدم القدرة على اشباع الحاجة.

كما أن المخاوف على اختلاف انواعها من عدم سير الأمور وفق مخططات الفرد وأمانيه، والخوف من عدم القدرة على تحقيق الطموحات المطلوبة والتي ترتبط بمشاعر النجاح او الفشل، هذه المخاوف تصبح عبئا ثقيلا يسبب القلق والغضب.

إنطلاقا من هذا التفسير الموجز لمصادر التوتر والغضب يمكن وضع استراتيجية تسمح بضبط تلك المشاعر وتخطيها والعمل على التحرر من تلك المؤثرات السلبية وصولا الى حالة الهدوء النفسي.

  • أولاً: لا بد لنا أن ندرك أن جميع المشاعر والأحاسيس التي نعيشها تنبع عن طبيعة الأفكار التي تدور في رأسنا، بحيث لا يمكن أن نغضب الا اذا خطرت لنا أفكار سيئة، ولا يمكن أن نقلق الا اذا فكرنا بما يجعلنا نقلق، كما لا يمكن ان نشعر بالسعادة الا اذا فكرنا بما هو جميل ومريح.
  • ثانياً: ايضا لا بد أن نفهم الاسلوب الذي يحكم نظام تفكيرنا، حيث أن لكل شخص نظام من المفاهيم التي يكتسبها من أهله وبيئته بحيث تكون نوعا من القواعد العقلية في تحليل المعطيات والظروف الخارجية، مثلاً لنأخذ حالة الرسوب في الإمتحان، فنجد شخصاً يشير نظام تفكيره أن الرسوب هو فشل وعجز ومصيبة كبيرة تسبب الشعور بالألم والعار والندم والخيبة وتحقير الذات، لأنه ينظر الى الإمتحان كتعبير عن قيمة الذات، وينظر الى الفشل فيه ككارثة عظيمة لا يمكن تخطيها، بينما نجد شخصا آخر لايعاني من أي مشاعر سلبية جراء رسوبه في الإمتحان لا بل يستعيد دافعيته بسرعة ثم ينجح لاحقا بشكل ملفت، فهذا الشخص لا يعتبر الإمتحان نوعا من تقييم للذات ولا ينظر الى الفشل على أنه محدد للشخصية او نهاية للعالم بل يرى فيه فرصة للتعلم من الأخطاء وتصحيحها، اذن فالأنظمة الفكرية للناس تحدد كيفية رؤيتهم وتحليلهم للمواقف الحياتية التي يواجهونها وبالتالي فإنها تحدد المشاعر والانفعالات التي سوف يعيشوها.
  • ثالثاً: إنطلاقا من النقطة الثانية نستنتج أنه لا بد لنا من تعديل نظام تفكيرنا بحيث نجعله أكثر إيجابية، فعلينا أن نغير المنطق السلبي في التحليل، ونعمل على استبعاد المفاهيم العقلية التي تدعو الى تحفيز مشاعر العجز والذنب والعار ونستبدلها بمفاهيم تخلق امكانيات جديدة مثل الصبر والمثابرة وعدم الاستسلام.
ان طريقة تحقيق النقطة الثالثة يكمن فيما يلي:

  1. يجب أن نراقب أنفسنا، فعندما ينتابنا شعور سلبي مثل قلق أو خوف أو غضب، علينا التفكير بالفكرة التي حفزت ظهور ذلك الشعور، مثلا اذا غضبنا من زميل لنا في العمل لأنه مر بنا دون القاء التحية، فعلينا ان نسأل أنفسنا لماذا شعرنا بالغضب، أي ما هي الفكرة التي جعلتنا نغضب هل هي الفكرة التي تقول أننا ذوي قيمة منخفضة اذا ما لم يلقوا علينا التحية، أم الفكرة التي تقول بأننا غير مهمين ومهملين جراء هذا التصرف، أم الفكرة التي تشير الى انها أهانة بحقنا.
  2. بعد ما علمنا ما هي الفكرة التي حفزت شعور الغضب، لنفترض أنها فكرة الاهانة، هنا يجب ان نقوم بتحليل هذه الفكرة، هل هذه الفكرة منطقية؟ هل من الصحيح أن كل شخص لا يلقي علينا التحية فهذه إهانة لنا؟ سوف نصل بعد طرح عدة أسئلة الى أن هذه الفكرة غير منطقية وان هناك عدة احتمالات أخرى.
  3. عندما نصل لنقطة وجود احتمالات اخرى ندرك بان هذا الشخص ربما منشغل بأمر ما ولم يلاحظ وجودنا، او انه مرهق وغاضب ما جعله غير قادر على القاء التحية، وربما يكون مريضا ومتعبا، او بكل بساطة ليس لديه اهتمام بالحديث مع زملائه، وبالتالي فكل تلك الاحتمالات لا علاقة لها بفكرة الاهانة الشخصية.
  4. وهنا نجد ان الشعور بالغضب قد تلاشى فجأة وحل مكانه نوع من المرونة والتفهم للشخص الآخر، او حتى نوع من عدم الاكتراث لمثل هذا التفصيل الغير مهم، بالتالي زال الشعور السلبي بشكل تلقائي بمجرد ان تغير تفكيرنا.

  • رابعاً: لا بد ان نعلم ان وضع الخطط والتوقعات لمسار الامور في حياتنا يجب ان لا يصبح نوعا من الحكم الملزم الذي لا بد له من التحقق والا كانت الكارثة، حيث علينا ان نكون دائما مستعدين ومنفتحين لجميع الاحتمالات في الحياة، وان ندرك ان الحياة لا تسير وفق خططنا بل علينا نحن ان نتكيف مع مسارها، هذا لا يعني بأن لا نضع الخطط لحياتنا وان لا نرتب امورنا وفق ما نطمح له، انما ان نكون منفتحين لحدوث احتمالات اخرى لم نضعها في الحسبان.

  • خامسا: عدم إطلاق الاحكام والتقييمات الجامدة تجاه الناس والظروف، بحيث ان مفهوم الابيض والاسود بالمطلق هو نوع من النظام الفكري الجامد والمتزمت، فيجب ان نتمتع بتفكير مرن وسلس قادر على التفهم والتقبل، وعالم بأن للأمور اشكال والوان عديدة لا يمكن حصرها بأحكام جامدة لا تقبل التغيير.

  • سادسا: يجب أن ندرب عقلنا وافكارنا على مفهوم التقبل والتكيف، بحيث نعلم اننا سوف نعيش تجارب مختلفة من نجاح وفشل، حزن وفرح، حب وكره، وان لاشيء ثابت ودائم فالحياة تغير مستمر، بالتالي لا نقاوم التغيرات ولا نخاف المستجدات.

  • سابعا: النقطة الاخيرة لنتحرر من التوتر والغضب والقلق والخوف والعجز وكافة المشاعر السلبية، علينا أن ندرب فكرنا على الثقة بالنفس والثقة بامكانياتنا، كما وعلى احترام أنفسنا وتشجيعها وتحفيزها، وليس لومها وتحقيرها، فمن يؤمن بذاته يشجعها ويساعدها ولا يضعفها، ومن يتحدث الى ذاته بمحبة واحترام وتعاطف ودعم يصبح لديه ثقة بالنفس ومحبة للذات، فلا يؤنب نفسه ويشعرها باللوم والعجز والتحقير، فمن يتدرب على احترام ذاته والثقة بها يصبح اكثر سعادة وانفتاحا ومرونة، ويصبح له القدرة على احترام وتقبل الأخرين والتعاطف معهم مما يجعله اكثر سلاما وراحة.
google-playkhamsatmostaqltradent